الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
هو واحد الأجزاء العشرة والمراد به هنا ما ينسب إليه لتشمل الترجمة نصف العشر وضعفه حموي وذكره في الزكاة لأنه منها قال في الفتح قيل: إن تسميته زكاة على قولهما لاشتراطهما النصاب والبقاء بخلاف قوله وليس بشيء إذ لا شك أنه زكاة حتى يصرف مصارفها واختلافهم في إثبات بعض شروط لبعض أنواع الزكاة ونفيها لا يخرجه عن كونه زكاة. ا هـ. واستظهر في النهر قول العناية إن تسميته زكاة مجاز وأيد الشيخ إسماعيل الأول بأنه يجب فيما لا يؤخذ منه سواه، ولا بجامع الزكاة وبتسميته في الحديث صدقة واختلافهم في وجوبه على الفور أو التراخي كما في الزكاة ا هـ. والكلام هنا في عشرة مواضع بسطها في البحر (قوله يجب العشر) ثبت ذلك بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول: أي يفترض لقوله تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده} فإن عامة المفسرين على أنه العشر أو نصفه وهو مجمل بينه قوله صلى الله عليه وسلم: «ما سقت السماء ففيه العشر وما سقي بغرب أو دالية ففيه نصف العشر» واليوم ظرف للحق لا للإيتاء فلا يرد أنه لو كان المراد ذلك فزكاة الحبوب لا تخرج يوم الحصاد بل بعد التنقية والكيل ليظهر مقدارها على أنه عند أبي حنيفة يجب العشر في الخضراوات، ويخرج حقها يوم الحصاد أي القطع بدائع ملخصا (قوله في عسل) بغير تنوين فإن قوله: وإن قل معترض بين المضاف والمضاف إليه ولا حاجة إليه فإن قوله: بلا شرط نصاب مغن عنه كما نبه عليه بقوله راجع للكل ح وصرح بالعسل إشارة إلى خلاف مالك والشافعي حيث قالا ليس فيه شيء؛ لأنه متولد من حيوان فأشبه الإبريسم ودليلنا مبسوط في الفتح (قوله: أرض غير الخراج) أشار إلى أن المانع من وجوبه كون الأرض خراجية؛ لأنه لا يجتمع العشر والخراج فشمل العشرية، وما ليست بعشرية ولا خراجية كالجبل، والمفازة لكن قدمنا عن الخانية، وغيرها أن الجبل عشري، وقدمنا أيضا أن المراد أنه لو استعمل فهو عشري هذا وقيد الخير الرملي الأرض الخراجية بالخراج الموظف؛ لأنه المراد عند الإطلاق قال فلو وجد في أرض خراج المقاسمة ففيه مثل ما في التمر الموجود فيها ا هـ. لكن الكلام هنا في نفي وجوب العشر وهو غير واجب في الخراجية مطلقا كما أفاده الرحمتي. واستفيد أن الخراج قسمان خراج مقاسمة، وهو ما وضعه الإمام على أرض فتحها ومن على أهلها بها من نصف الخارج أو ثلثه أو ربعه وخراج وظيفة مثل الذي وظفه عمر رضي الله تعالى عنه على أرض السواد لكل جريب يبلغه الماء صاع بر أو شعير كما سيأتي تفصيله في الجهاد إن شاء الله تعالى ويأتي هنا بعض أحكامها. (قوله: في ثمرة جبل) يدخل فيه القطن؛ لأن الثمر اسم لشيء متفرع من أصل يصلح للأكل واللباس كما في الكرماني وفي القاموس أنه اسم لحمل الشجر والمشهور ما في المفردات أنه اسم لكل ما يستطعم من أحمال الشجر ويجب العشر، ولو كان الشجر غير مملوك ولم يعالجه أحد وخرج ثمرة شجر في دار رجل، ولو بستانا في داره؛ لأنه تبع للدار كذا في الخانية ط عن القهستاني (قوله: إن حماه الإمام) الضمير عائد إلى المذكور وهو العسل والثمرة والظاهر أن المراد الحماية من أهل الحرب والبغاة وقطاع الطريق لا عن كل أحد فإن ثمر الجبال مباح لا يجوز منع المسلمين عنه وقال أبو يوسف لا شيء فيما يوجد في الجبال؛ لأن الأرض ليست مملوكة ولهما أن المقصود من ملكها النماء وقد حصل. ا هـ. ح (قوله: لأنه مال مقصود) أي مقصود للإمام بالحفظ ا هـ. ط أو مقصود بالأخذ فلذا تشترط حمايته حتى يجب فيه العشر؛ لأن الجباية بالحماية فهو علة لاشتراط الجباية أو من جنس ما يقصد به استغلال الأرض فهو علة للوجوب تأمل (قوله: أي مطر) سمي بذلك مجازا من تسمية الشيء باسم ما يجاوره أو يحل فيه نهر (قوله: وسيح) بالسين والحاء المهملتين بينهما مثناة تحتية قال في المغرب: ساح الماء سيحا جرى على وجه الأرض ومنه ما سقي سيحا يعني ماء الأنهار والأودية ا هـ. (قوله: بلا شرط نصاب) وبقاء فيجب فيما دون النصاب بشرط أن يبلغ صاعا وقيل نصفه وفي الخضراوات التي لا تبقى وهذا قول الإمام وهو الصحيح كما في التحفة وقالا: لا يجب إلا فيما له ثمرة باقية حولا بشرط أن يبلغ خمسة أوسق إن كان مما يوسق، والوسق ستون صاعا كل صاع أربعة أمناء وإلا فحتى يبلغ قيمة نصاب من أدنى الموسوق عند الثاني واعتبر الثالث خمسة أمثال مما يقدر به نوعه ففي القطن خمسة أحمال وفي العسل أفراق وفي السكر أمناء وتمامه في النهر. (قوله: وحولان حول) حتى لو أخرجت الأرض مرارا وجب في كل مرة لإطلاق النصوص عن قيد الحول ولأن العشر في الخارج حقيقة فيتكرر بتكرره وكذا خراج المقاسمة؛ لأنه في الخارج فأما خراج الوظيفة فلا يجب في السنة إلا مرة؛ لأنه ليس في الخارج بل في الذمة بدائع (قوله: لأن فيه معنى المؤنة) أي في العشر معنى مؤنة الأرض: أي أجرتها فليس بعبادة محضة ط. (قوله: أخذه جبرا) ويسقط عن صاحب الأرض كما لو أدى بنفسه إلا أنه إذا أدى بنفسه يثاب ثواب العبادة وإذا أخذه الإمام يكون له ثواب ذهاب ماله في وجه الله تعالى بدائع (قوله: وفي أرض صغير ومجنون ومكاتب) من مدخول الغلة فلا يشترط في وجوبه العقل والبلوغ والحرية (قوله: ووقف) أفاد أن ملك الأرض ليس بشرط لوجوب العشر وإنما الشرط ملك الخارج؛ لأنه يجب في الخارج لا في الأرض، فكان ملكه لها وعدمه سواء بدائع. مطلب مهم في حكم أراضي مصر والشام السلطانية قلت: هذا ظاهر فيما إذا زرعها أهل الوقف أما إذا زرعها غيرهم بالأجرة فيجري فيه الخلاف الآتي في الأرض المستأجرة وفي حكم ذلك أراضي مصر والشام السلطانية فإنها في الأصل كانت خراجية أما الآن فلا فقد صرح في فتح القدير في أرض مصر بأن المأخوذ الآن منها أجرة لا خراج قال ألا ترى أنها ليست مملوكة للزراع كأنه لموت المالكين بلا وارث فصارت لبيت المال ا هـ. وكذا أراضي الشام كما في جهاد شرح الملتقى، لكن في كونها كلها صارت لبيت المال بحث سنذكره في باب العشر والخراج إن شاء الله تعالى، وحيث صارت لبيت المال سقط عنها الخراج لعدم من يجب عليه وهل على زراعها عشر أم لا سنتكلم عليه في هذا الباب. ثم اعلم أنه إذا باعها الإمام بشرطه لم يجب على المشتري خراج؛ لأنه بعد أخذ الثمن لبيت المال لا يمكن أن تكون المنفعة كلها له أو بعضها ولأن المسلم لا يجوز وضع الخراج عليه ابتداء، وإن جاز بقاء ولأن الساقط لا يعود كذا قاله ابن نجيم في التحفة المرضية وقال أيضا إنه لا يجب فيها العشر أيضا قال: لأني لم أر نقلا في ذلك. قلت: وفيه نظر لما علمت أن الشرط ملك الخارج؛ لأنه يجب فيه لا في الأرض حتى وجب في الخارج من أرض الصغير والمجنون، والمكاتب، والوقف ولأن سببه الأرض النامية بالخارج تحقيقا، ولا يلزم من سقوط الخراج المتعلق بالأرض سقوط العشر المتعلق بالخارج، والثمن المأخوذ لبيت المال هو بدل الأرض لا بدل الخارج على أنه قد ينازع في سقوط الخراج حيث كانت من أرض الخراج، أو سقيت بمائه بدليل أن الغازي الذي اختط له الإمام دارا لا شيء عليه فيها فإذا جعلها بستانا وسقاها بماء العشر، فعليه العشر أو بماء الخراج، فعليه الخراج كما يأتي فإن وضع الخراج عليه ابتداء بالتزامه جائز ولا يلزم من سقوطه حين صارت لبيت المال لعدم من يجب عليه أن لا يجب حين وجد التزام المشتري بسقيه ما اشتراه بماء الخراج؛ لأن ذلك بسبب حادث كمن آجر داره لرجل مدة ثم انقضت المدة فإن أجرتها تسقط لعدم من تجب عليه فإذا آجرها لآخر تجب الأجرة ثانيا، وعلى فرض سقوط الخراج لا يسقط العشر فإن الأرض المعدة للاستغلال لا تخلو من إحدى الوظيفتين لما ذكرنا من مسألة الدار وحيث تحقق السبب والشرط مع قيام ما قدمناه من ثبوته بالكتاب والسنة والإجماع. وهو دليل الوجوب الشامل للأرض المشتراة المذكورة ومع إطلاق قول الفقهاء يجب العشر في مسقي سماء وسيح ونصفه في مسقي غرب ودالية فلا حاجة إلى نقل في خصوص ذلك حيث تحقق ما ذكرنا فيه بل القول بعدم الوجوب يحتاج إلى نقل صريح وسيأتي تمام الكلام على ذلك في باب العشر والخراج من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى. (قوله: ومجاز) تقدم الكلام فيه (قوله: إلا فيما لا يقصد إلخ) أشار إلى أن ما اقتصر عليه المصنف كالكنز وغيره ليس المراد به ذاته بل لكونه من جنس ما لا يقصد به استغلال الأرض غالبا وأن المدار على القصد حتى لو قصد به ذلك وجب العشر كما صرح به بعده. (قوله: وقصب) هو كل نبات يكون ساقه أنابيب وكعوبا والكعوب العقد والأنبوب ما بين الكعبين، واحترز بالفارسي عن قصب السكر وقصب الذريرة، وهو قصب السنبل ففيهما العشر كما في الجوهرة وفي المعراج قصب العسل يجب العشر في عسله دون خشبه شرنبلالية (قوله: وتبن) بالباء الموحدة قال في الفتح غير أنه لو فصله قبل انعقاد الحب وجب العشر فيه؛ لأنه صار هو المقصود وعن محمد في التبن إذا يبس العشر. (قوله: وسعف) بفتح السين والعين المهملتين ورق جريد النخل الذي يتخذ منه الزنبيل والمرواح وقد يقال للجريد نفسه والواحدة سعفة مغرب (قوله: وقطران) بفتح القاف أو كسرها مع سكون الطاء المهملة، وبفتح القاف وكسر الطاء عصارة الأرز ونحوه والأرز بفتح الهمزة وتضم شجر الصنوبر وبالتحريك شجر الأرزن قاموس (قوله: وخطمي) نبت طيب الريح يخرج بالعراق ط (قوله وأشنان) بضم الهمزة وكسرها قاموس (قوله: وشجر وقطن) أما القطن نفسه ففيه العشر كما مر ط (قوله: وباذنجان) عطف على قطن فلا يجب في شجره، ويجب في الخارج منه ط. (قوله: وبزر بطيخ وقثاء) أي كل حب لا يصلح للزراعة كبزر البطيخ والقثاء، لكونها غير مقصودة في نفسها بحر أي لأنه لا يقصد زراعة الحب لذاته، بل لما يخرج منه وهو الخضراوات، وفيها العشر كما مر قال في البدائع: الخضراوات كالبقول والرطاب والخيار والبصل والثوم ونحوها. ا هـ. وفي البحر: ويجب في العصفر والكتان وبزره؛ لأن كل واحد منها مقصود فيه (قوله وأدوية) في الخانية ولا يجب العشر فيما كان من الأدوية كالموز والهليلج ولا في الكندر. ا هـ. (قوله كحلبة) بضم الحاء وشونيز بضم الشين الحبة السوداء قاموس (قوله: حتى لو أشغل أرضه بها يجب العشر) فلو استنما أرضه بقوائم الخلاف وما أشبهه أو بالقصب أو الحشيش وكان يقطع ذلك ويبيعه كان فيه العشر غاية البيان ومثله في البدائع وغيرها قال في الشرنبلالية وبيع ما يقطعه ليس بقيد ولذا أطلقه قاضي خان ا هـ. قال الشيخ إسماعيل ومثل الخلاف الحور بالمهملتين والصفصاف في بلادنا ا هـ. والخلاف ككتاب وتشديده لحن صنف من الصفصاف وليس به قاموس (قوله: غرب) بفتح المعجمة وسكون الراء (قوله: ودالية) بالدال المهملة (قوله: أي دولاب) في المغرب الدولاب بالفتح المنجنون التي تديرها الدابة والناعورة ما يديرها الماء والدالية جذع طويل يركب تركيب مداق الأرز وفي رأسه مغرفة كبيرة يستقى بها. ا هـ. وفي القاموس الدالية المنجنون والناعورة شيء يتخذ من خوص يشد في رأسه جذع طويل والمنجنون الدولاب يستقى عليه. ا هـ. (قوله: لكثرة المؤنة) علة لوجوب نصف العشر فيما ذكر (قوله: وقواعدنا لا تأباه) كذا نقله الباقاني في شرح الملتقى عن شيخه البهنسي؛ لأن العلة في العدول عن العشر إلى نصفه في مستقى غرب ودالية هي زيادة الكلفة كما علمت وهي موجودة في شراء الماء ولعلهم لم يذكروا ذلك؛ لأن المعتمد عندنا أن شراء الشرب لا يصح وقيل إن تعارفوه صح وهل يقال عدم شرائه يوجب عدم اعتباره أم لا تأمل نعم لو كان محرزا بإناء فإنه يملك فلو اشترى ماء بالقرب أو في حوض ينبغي أن يقال: بنصف العشر؛ لأن كلفته ربما تزيد على السقي بغرب أو دالية (قوله: اعتبر الغالب) أي أكثر السنة كما مر في السائمة والعلوفة زيلعي أي إذا أسامها في بعض السنة وعلفها في بعضها يعتبر الأكثر (قوله: ولو استويا فنصفه) كذا في القهستاني عن الاختيار؛ لأنه وقع الشك في الزيادة على النصف فلا تجب الزيادة بالشك (قوله وقيل ثلاثة أرباعه) قال في الغاية قال به الأئمة الثلاثة فيؤخذ نصف كل واحد من الوظيفتين ولا نعلم فيه خلافا ا هـ. أي؛ لأن نصفه مسقي سيح ونصفه مسقي غرب، فيجب نصف العشر ونصف نصفه ورجح الزيلعي الأول قياسا على السائمة إذا علفها نصف الحول فإنه تردد بين الوجوب وعدمه فلا يجب بالشك قال في اليعقوبية وفيه كلام وهو أن الفرق بينهما ظاهر؛ لأن في الأصل أي المقيس عليه سبب الوجوب ليس بثابت يقينا وهنا سببه ثابت يقينا والشك في نقصان الواجب وزيادته باعتبار كثرة المؤنة وقلتها، فاعتبر الشبهان شبه القليل وشبه الكثير فليتأمل. ا هـ. قلت: فيه نظر؛ لأن سبب الوجوب في السائمة موجود أيضا وهو ملك نصابها وإنما الشك في الإسامة وهو شرط الوجوب لا سببه كما مر أول كتاب الزكاة وهنا أيضا وقع الشك في شرط وجوب الزيادة على النصف مع تحقق سبب أصل الوجوب وهو الأرض النامية بالخارج تحقيقا فتدبر. (قوله: بلا رفع مؤن) أي يجب العشر في الأول ونصفه في الثاني بلا رفع أجرة العمال ونفقة البقر وكري الأنهار وأجرة الحافظ ونحو ذلك درر قال في الفتح يعني لا يقال بعدم وجوب العشر في قدر الخارج الذي بمقابلة المؤنة بل يجب العشر في الكل؛ لأنه عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة ولو رفعت المؤنة كان الواجب واحدا وهو العشر دائما في الباقي؛ لأنه لم ينزل إلى نصفه إلا للمؤنة والباقي بعد رفع المؤنة لا مؤنة فيه فكان الواجب دائما العشر لكن الواجب قد تفاوت شرعا فعلمنا أنه لم يعتبر شرعا عدم عشر بعض الخارج وهو القدر المساوي للمؤنة أصلا ا هـ. وتمامه فيه (قوله: وبلا إخراج البذر إلخ) قيل هذا زاده صاحب الدرر على ما في المعتبرات وفيه نظر ا هـ. وجوابه أنه داخل في قولهم ونحو ذلك الذي تقدم عن الدرر. وفي النهر: وظاهر قول الكنز ولا ترفع المؤن أنه لا فرق بين كون المؤنة من عين الخارج أو لا. قال الصيرفي: ويظهر أنها إذا كانت جزءا من الطعام أن تجعل كالهالك ويجب العشر في الباقي؛ لأنه لا يقدر أن يتولى ذلك بنفسه فهو مضطر إلى إخراجه لكن ظاهر كلامهم الإطلاق. ا هـ. (قوله: لتصريحهم بالعشر) أي وبنصفه وضعفه ط (قوله: ويجب ضعفه) أي ضعف العشر وهو الخمس نهر؛ لأن بني تغلب قوم من العرب نصارى تصالح عمر رضي الله عنه معهم على أن يأخذ منهم ضعف ما يؤخذ منا كما قدمناه قبيل باب زكاة المال قال ط: ولم يفصلوا بين كون الأرض مسقية بغرب أو سيح ومقتضى الصلح الواقع أن يؤخذ منهم ضعف المأخوذ منا مطلقا. ا هـ. قلت: ويؤيده قول الإمام قاضي خان في شرحه على الجامع الصغير في تعليل المسألة؛ لأن ما يؤخذ من المسلم يؤخذ من التغلبي ضعفه (قوله: وإن كان طفلا أو أنثى) بيان للإطلاق؛ لأن العشر يؤخذ من أراضي أطفالنا ونسائنا فيؤخذ ضعفهم من أراضي أطفالهم ونسائهم. ا هـ. نوح قال ح: وسواء كانت الأرض للتغلبي أصالة أو موروثة أو تداولتها الأيدي من تغلبي إلى تغلبي (قوله: أو أسلم) أي التغلبي وفي ملكه أرض تضعيفية فإنها تبقى وظيفتها عندهما وعند أبي يوسف تعود إلى عشر واحد لزوال الداعي إلى التضعيف وهو الكفر. ا هـ. ح ومثله يقال فيما إذا ابتاعها منه مسلم ط (قوله: أو ابتاعها من مسلم) أي إذا اشترى التغلبي أرضا عشرية من مسلم تصير تضعيفية عندهما وعند محمد تبقى عشرية؛ لأن الوظيفة لا تتغير بتغير المالك. ا هـ. ح (قوله: أو ذمي) أي إذا اشترى الذمي أرضا تضعيفية من التغلبي تبقى تضعيفية اتفاقا ح. [تنبيه] تخصيص الشراء بالذكر مبني على الغالب وإلا فكل ما فيه انتقال الملك فكذلك في الحكم إسماعيل عن البرجندي (قوله: فلا يتبدل) هذا في الخراج مطلقا اتفاقا وفي التضعيف كذلك إلا عند أبي يوسف فيما إذا اشتراها المسلم أو أسلم فإنها تعود عشرية لفقد الداعي كما قدمناه ح (قوله: وأخذ الخراج إلخ) حاصل هذه المسائل كما في البحر أن الأرض إما عشرية أو خراجية أو تضعيفية والمشترون مسلم وذمي وتغلبي فالمسلم إذا اشترى العشرية أو الخراجية بقيت على حالها أو التضعيفية فكذلك عندهما وقال أبو يوسف ترجع إلى عشر واحد وإذا اشترى التغلبي الخراجية بقيت خراجية أو التضعيفية فهي تضعيفية أو العشرية من مسلم ضوعف عليه العشر عندهما خلافا لمحمد وإذا اشترى ذمي غير تغلبي خراجية أو تضعيفية بقيت على حالها أو عشرية صارت خراجية إن استقرت في ملكه عنده ا هـ. ط (قوله: من ذمي) أي عندهما أما عند محمد فتبقى عشرية؛ لأن الوظيفة لا تتغير عنده بتغير المالك كما قدمناه ح (قوله: غير تغلبي) قيد به؛ لأن العشرية تضعف عليه عندهما خلافا لمحمد ط (قوله: وقبضها منه) قيد به؛ لأن الخراج لا يجب إلا بالتمكن من الزراعة وذلك بالقبض بحر (قوله: للتنافي) علة لقوله: وأخذ الخراج يعني إنما وجب الخراج لا العشر؛ لأن في العشر معنى العبادة والكفر ينافيها ح (قوله: لتحول الصفقة إليها) أي إلى الشفيع فكأنه اشتراها من المسلم بحر وغيره. واعترض بأنه لو كان كذلك لما رجع الشفيع بالعيب على المشتري إذا قبضها منه. وأجيب بأن الرجوع عليه لوجود القبض منه كما في الوكيل بالبيع حتى لو كان قبضها من البائع يرجع عليه لا على المشتري إسماعيل. واستشكله أيضا الخير الرملي بأنهم صرحوا بأن الأخذ بالشفعة شراء من المشتري لولا الأخذ بعد القبض وإلا فمن البائع، والكلام هنا بعد القبض فهو شراء من الذمي. قال: ويمكن الجواب بما في النهاية عن نوادر زكاة المبسوط لو اشترى كافر عشرية فعليه الخراج في قول الإمام ولكن هذا بعد ما انقطع حق المسلم عنها من كل وجه حتى لو استحقها مسلم أو أخذها مسلم بالشفعة كانت عشرية على حالها ولو وضع عليها الخراج؛ لأنه لم ينقطع حق المسلم عنها. ا هـ. (قوله: أو ردت عليه) معطوف على أخذها أي إذا اشتراها الذمي من مسلم شراء فاسدا فردت عليه لفساد البيع فهي عشرية على حالها قال في البحر؛ لأنه بالرد والفسخ جعل البيع كأن لم يكن؛ لأن حق المسلم وهو البائع لم ينقطع بهذا البيع لكونه مستحق الرد (قوله: أو بخيار شرط) أي للبائع كما قيده به قاضي خان في شرح الجامع وقال: لأن خيار البائع يمنع زوال ملكه (قوله: أو رؤية)؛ لأنه فسخ فصار البيع كأن لم يكن كما مر (قوله: مطلقا) أي سواء كان بقضاء أو لا. وفيه رد على ظاهر عبارة الدرر حيث علق قوله الآتي بقضاء بقوله ردت (قوله: لأنه إقالة) أي لأن الرد بغير قضاء إقالة وهي فسخ في حق المتعاقدين بيع جديد في حق غيرهما، وهو مستحق الخراج فصار شراء المسلم من الذمي بعد ما صارت خراجية، فتبقى على حالها كما في الفتح. قال في البحر: واستفيد من وضع المسألة أن للذمي أن يردها بعيب قديم، ولا يكون وجوب الخراج عليها عيبا حادثا؛ لأنه يرتفع بالفسخ بالقضاء فلا يمنع الرد (قوله: جعلت بستانا) هو أرض يحوط عليها حائط وفيها أشجار متفرقة كذا في المعراج قيد بجعلها بستانا؛ لأنه لو لم يجعلها بستانا وفيها نخل تغل أكرارا لا شيء فيها بحر، وكذلك ثمر بستان الدار؛ لأنه تابع لها كما في قاضي خان قهستاني. (قوله: مطلقا) أي سواء سقاها بماء العشر أو الخراج؛ لأنه أهل للخراج لا للعشر بحر (قوله: بمائه) أي ماء الخراج وهو ماء أنهار حفرتها العجم وكذا سيحون وجيحون ودجلة والفرات خلافا لمحمد وماء العشر هو ماء السماء والبئر والعين والبحر الذي لا يدخل تحت ولاية أحد، كذا في الملتقى وشرحه. والحاصل أن ماء الخراج ما كان للكفرة يد عليه ثم حويناه قهرا وما سواه عشري لعدم ثبوت اليد عليه فلم يكن غنيمة وأورد أن هذا ظاهر في ماء البحار والأمطار أما الآبار والعيون فهي خراجية؛ لأنها غنيمة حيث حويناها قهرا منهم وأجاب في الفتح بأنه لا يلزم ذلك في كل عين وبئر فإن أكثر ما كان من حفر الكفرة قد دثر وما نراه الآن إما معلوم الحدوث بعد الإسلام أو مجهول الحال فيجب الحكم فيه بأنه إسلامي إضافة إلى الحادث إلى أقرب وقتيه الممكنين ا هـ. (قوله لرضاه) جواب عما استشكله العتابي من أن وجوب الخراج على المسلم ابتداء حتى نقل في غاية البيان أن الإمام السرخسي ذكر في كتاب الجامع أن عليه العشر بكل حال؛ لأنه أحق بالعشر من الخراج وهو الأظهر ا هـ. وجوابه أن الممنوع وضع الخراج ابتداء جبرا إما باختياره فيجوز وقد اختاره هنا حيث سقاه بماء الخراج فهو كما إذا أحيا أرضا ميتة بإذن الإمام وسقاها بماء الخراج فإنه يجب عليه الخراج بحر وأجاب في الفتح بأن المسلم إذا سقى بالماء الخراجي ينتقل الماء بوظيفته إلى الأرض، فليس فيه وضع الخراج عليه ابتداء بل هو انتقال ما وظيفته الخراج إليه بوظيفته كما لو اشترى أرضا خراجية ا هـ. وأصله للزيلعي. [تنبيه] مقتضى تعليقهم الحكم بالماء أنه لا اعتبار بكونها في أرض عشر أو خراج وهو خلاف ما مشى عليه في الخانية ومثله لو أحيا أرضا مواتا فإن المعتبر الماء دون الأرض على خلاف فيه سيأتي تحريره إن شاء الله تعالى في باب العشر والخراج من كتاب الجهاد (قوله بمائه) أي ماء العشر وقوله أو بهما أي بماء العشر والخراج قال ط: ظاهره ولو كان ماء الخراج أكثر (قوله: لأنه أليق به) أي؛ لأن العشر أنسب بحال المسلم لما فيه من معنى العبادة (قوله: ولا شيء في دار)؛ لأن عمر رضي الله تعالى عنه جعل المساكن عفوا وعليه إجماع الصحابة ولأنها لا تستمنى ووجوب الخراج باعتباره وعلى هذا المقابر زيلعي وظاهر التعليل أنه لا فرق بين القديمة والحديثة لكن صرحوا بأن أرض الخراج لو عطلها صاحبها عليه الخراج وفي الخانية اشترى أرض خراج فجعلها دارا وبنى فيها بناء كان عليه خراج أرض كما لو عطلها ا هـ. وذكر مثله في الذخيرة ثم قال: وفي فتاوى أبي الليث إذا جعل أرضه الخراجية مقبرة أو خانا للغلة أو مسكنا للفقراء سقط الخراج ا هـ. ويمكن بناء الثاني على أن فيه منفعة عامة فليتأمل (قوله: ولو ذمي) دخل المسلم بالأولى وعبر في الهداية بالمجوسي؛ لأنه أبعد من الذمي عن الإسلام لحرمة مناكحته وذبيحته فلو عبر الشارح به لكان أولى (قوله: ولا في عين قير)؛ لأنه ليس من إنزال الأرض وإنما هو عين فوارة كعين الماء، فلا عشر فيها ولا خراج بحر (قوله: ونفط) بالفتح والكسر وهو أفصح بحر وكذا الملح كما في الكافي والنهاية إسماعيل (قوله: في حريمها) حريم الدار ما يضاف إليها من حقوقها ومرافقها قاموس (قوله: لا فيها) أي لا في نفس العين وقال بعض المشايخ يجب فيها وهو ظاهر الكنز كما في البحر (قوله: لتعلق الخراج بالتمكن) علة لقوله الصالح لها وهذا إنما يظهر في الخراج الموظف، وأما خراج المقاسمة فحكمه كالعشر ط (قوله: لتعلقه بالخارج) فلا يكفي لوجوبه التمكن من الزراعة ط. (قوله: ويؤخذ العشر إلخ) قال في الجوهرة: واختلفوا في وقت العشر في الثمار والزرع فقال أبو حنيفة وزفر: يجب عند ظهور الثمرة والأمن عليها من الفساد، وإن لم يستحق الحصاد إذا بلغت حدا ينتفع بها وقال أبو يوسف عند استحقاق الحصاد وقال محمد إذا حصدت وصارت في الجرين وفائدته فيما إذا أكل منه بعد ما صار جهيشا أو أطعم غيره منه بالمعروف فإنه يضمن عشر ما أكل وأطعم عند أبي حنيفة وزفر وقال أبو يوسف ومحمد: لا يضمن ويحتسب به في تكميل الأوسق، ولا يحتسب به في الوجوب يعني إذا بلغ المأكول مع الباقي خمسة أوسق وجب العشر في الباقي لا غير وإن أكل منها بعد ما بلغت الحصاد قبل أن تحصد ضمن عند أبي حنيفة وأبي يوسف ولم يضمن عند محمد وإن أكل بعد ما صارت في الجرين ضمن إجماعا وما تلف بغير صنعه بعد حصاده أو سرق وجب العشر في الباقي لا غير. ا هـ. والكلام في العشر ومثله فيما يظهر خراج المقاسمة؛ لأنه جزء من الخارج أما خراج الوظيفة فهو في الذمة لا في الخارج فلا يختلف حكمه بالأكل وعدمه تأمل. (قوله: ولا يحل لصاحب أرض خراجية) قيل المراد به خراج المقاسمة فقط؛ لأن خراج الوظيفة يجب في الذمة لا تعلق له بالمحل وقيل إن خراج الوظيفة كذلك؛ لأن للإمام حق حبس الخارج للخراج ففي أكله إبطال حقه كذا في الذخيرة فافهم قال ط في الواقعات عن البزازية لا يحل الأكل من الغلة قبل أداء الخراج وكذا قبل أداء العشر إلا إذا كان المالك عازما على أداء العشر ا هـ. وهو تقييد حسن ومنه يعلم أخذ الفريك من الزرع قبل أداء ما عليه فلا يجوز (قوله: ولا يأكل إلخ) لو قال أو عشرية بعد قوله خراجية لاستغنى عن هذه الجملة فإنه في كل من العشر وخراج المقاسمة لا يحل الأكل ولو أكل ضمن. ا هـ. ح. وفي شرح الملتقى عن المضمرات إذا أكل قليلا بالمعروف لا شيء عليه قال الفقيه وبه نأخذ ط (قوله: للخراج) أي الموظف لثبوته في الذمة فيستعين على أخذه بإمساك الخارج بخلاف خراج المقاسمة فإنه ثابت في العين كالعشر، وإذا كان العشر يؤخذ جبرا كما تقدم في أول الباب لما فيه من معنى المؤنة فخراج المقاسمة أولى ح بزيادة. قلت: وفي البدائع أن الواجب في الخراج جزء من الخارج؛ لأنه عشر الخارج أو نصف عشره وذلك جزؤه إلا أنه واجب من حيث إنه مال لا من حيث إنه جزء عندنا حتى يجوز أداء قيمته. ا هـ. والمتبادر منه أن المراد خراج المقاسمة فإذا كان له أداء القيمة لا يكون للإمام الأخذ من عين الخارج جبرا فينبغي تعميم الخراج في عبارة الشارح (قوله: ومن منع الخراج سنين إلخ) ذكر المسألة المصنف في كتاب الجهاد في باب الجزية أيضا فقال: ويسقط الخراج بالتداخل وقيل لا. وقال الشارح هناك وقيل لا يسقط كالعشر، وينبغي ترجيح الأول؛ لأن الخراج عقوبة بخلاف العشر بحر قال المصنف أي في المنح عزاه في الخانية لصاحب المذهب فكان هو المذهب ا هـ. ما ذكره الشارح هناك. وأقول: هذا موافق لما ذكره صاحب الخانية في هذا الباب ومثله في الذخيرة، وأما ما ذكره في كتاب الجهاد من الخانية في باب خراج الأرض فنصه هكذا: فإن اجتمع الخراج فلم يؤد سنين عند أبي حنيفة يؤخذ بخراج هذه السنة ولا يؤخذ بخراج السنة الأولى ويسقط ذلك عنه كما قال في الجزية ومنهم من قال: لا يسقط الخراج بالإجماع بخلاف الجزية وهذا إذا عجز عن الزراعة، فإن لم يعجز يؤخذ بالخراج عند الكل. ا هـ. أقول: جزم بالقول الثاني في الملتقى في باب الجزية والظاهر أن قول الخانية وهذا إذا عجز إلخ توفيق بين القولين وجعل الخلاف لفظيا يحمل الأول على ما إذا عجز عن الزراعة والثاني على ما إذا لم يعجز إذ لا يخفى أن الخراج لا يجب إلا بالتمكن من الزراعة كما هو منصوص عليه في بابه فلا يصح إرجاع اسم الإشارة إلى القول الثاني فقط، بل هو راجع إلى القولين توفيقا بينهما كما قلنا فقد ظهر أن ما عزاه الشارح هنا إلى الخانية محمول على حالة العجز بدليل عبارة الخانية الثانية هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم. وسيأتي تمام تحقيق ذلك في باب الجزية وأن المعتمد عدم السقوط (قوله: والأول ظاهر الرواية) أقول: قال في الذخيرة: ولا يسقط العشر بموت من عليه في ظاهر الرواية وروى ابن المبارك عن أبي حنيفة أنه يسقط ثم قال بعد ورقتين ويسقط خراج الأرض بموت من عليه إذا كان خراج وظيفة في ظاهر الرواية وروى ابن المبارك أنه لا يسقط فوقع الفرق بين الخراج والعشر على الروايتين ا هـ. ويظهر من تقييده السقوط بخراج الوظيفة أن خراج المقاسمة لا يسقط كالعشر في ظاهر الرواية فافهم. (قوله: وجب الخراج) أي الموظف أما خراج المقاسمة فلا يجب كما سيذكره المصنف في باب العشر والخراج أي لتعلقه بالخارج كما قدمناه (قوله: ويسقطان) أي العشر وخراج المقاسمة لتعلقهما بعين الخارج، أما الموظف فإن هلك الخارج قبل الحصاد يسقط وبعده لا ح عن الهندية عن السراج والخانية وفي البزازية هلاك الخارج بعد الحصاد لا يسقطه، وقبله يسقط لو بآفة لا تدفع كالغرق والحرق وأكل الجراد والحر والبرد أما إذا أكلته الدابة فلا لإمكان الحفظ عنها غالبا هذا إذا هلك الكل أما إذا بقي البعض إن مقدار قفيزين ودرهمين وجب قفيز ودرهم وإن أقل يجب نصفه وإنما يسقط إذا لم يبق من السنة ما يتمكن فيه من زراعة ما ا هـ.: أي من زراعة أي شيء كان قمحا أو شعيرا أو غيرهما (قوله: الخراج على الغاصب) قال في الخانية أرض خراجها وظيفة اغتصبها غاصب جاحدا ولا بينة للمالك إن لم يزرعها الغاصب، فلا خراج على أحد وإن زرعها الغاصب ولم تنقصها الزراعة فالخراج على الغاصب، وإن كان الغاصب مقرا بالغصب أو كان للمالك بينة ولم تنقصها الزراعة فالخراج على رب الأرض. ا هـ. قلت: وفي الذخيرة قال بعض المشايخ على المالك وقال بعضهم على الغاصب على كل حال. ا هـ. ثم قال في الخانية: وإن نقصتها الزراعة عند أبي حنيفة على رب الأرض قل النقصان أو كثر كأنه آجرها من الغاصب بضمان النقصان. وعند محمد على الغاصب فإن زاد النقصان على الخراج يدفع الفضل إلى المالك وإن غصب عشرية فزرعها إن لم تنقصها الزراعة فلا عشر على المالك وإن نقصتها فالعشر على المالك كأنه آجرها بالنقصان ا هـ. قال ح: وظاهر أن حكم ذات خراج المقاسمة كالعشرية. (قوله: في بيع الوفاء) هو المسمى بيع الطاعة وهو المشروط فيه رجوع المبيع للبائع متى رد الثمن على المشتري وسيأتي مع الأقوال فيه آخر البيوع قبيل كتاب الكفالة إن شاء الله تعالى (قوله: على البائع إن بقي في يده) أما إذا قبضه المشتري وزرع فيه وأخذ الغلة فالخراج عليه؛ لأنه في الحقيقة رهن فيصير بالزراعة غاصبا إذ ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن فيكون كمسألة الغصب على السواء، ويكون في وجوبه على البائع أو المشتري الخلاف المذكور في الغصب كذا في الذخيرة، وفي البزازية بعد التقابض إن لم تنقصها الزراعة فالعشر على المشتري وإن نقصتها فعلى البائع الخراج والعشر؛ لأنه بمنزلة الرهن والمرتهن لا يملك الزراعة فأشبه الغصب ولا يتفاوت ما إذا كان الخارج أقل أو أكثر كما في الإجارة ا هـ. (قوله: ولو باع الزرع إلخ) الظاهر أن حكم خراج المقاسمة كالعشر كما يعلم مما مر ح ثم هذا إذا باع الزرع وحده وشمل ما إذا باعه وتركه المشتري بإذن البائع حتى أدرك فعندهما عشره على المشتري وعند أبي يوسف عشر قيمة القصيل على البائع، والباقي على المشتري كما في الفتح، وبقي ما لو باع الأرض مع الزرع أو بدونه قال في البزازية: باع الأرض وسلمها للمشتري إن بقي مدة يتمكن المشتري فيها من الزراعة، فالخراج عليه وإلا فعلى البائع والفتوى على تقدير المدة بثلاثة أشهر هذا لو باعها فارغة ولو فيها زرع لم يبلغ فعلى المشتري بكل حال وقال أبو الليث: إن باعها بزرع انعقد حبه وبلغ ولم تبق مدة يتمكن المشتري من الزرع فالخراج على البائع ولو باع من آخر والمشتري من آخر وآخر حتى مضى وقت التمكن لا يجب الخراج على أحد ا هـ. ملخصا أي بأن لم تبق في يد أحد من المشترين مدة يتمكن فيها من الزراعة قبل دخول السنة الثانية (قوله: والعشر على المؤجر) أي لو أجر الأرض العشرية فالعشر عليه من الأجرة كما في التتارخانية وعندهما على المستأجر قال في فتح القدير: لهما أن العشر منوط بالخارج وهو للمستأجر وله أنها كما تستنمى بالزراعة تستنمى بالإجارة فكانت الأجرة مقصودة كالثمرة فكان النماء له معنى مع ملكه فكان أولى بالإيجاب عليه. ا هـ. (قوله: كخراج موظف) فإنه على المؤجر اتفاقا لتعلقه بتمكن الزراعة لا بحقيقة الخارج وأما خراج المقاسمة وهو كون الواجب جزءا شائعا من الخارج كثلث وسدس ونحوهما فعلى الخلاف كذا في شرح درر البحار وكذا الخراج الموظف على المعير ذخيرة أي اتفاقا بدائع، أما العشر فعلى المستعير كما يأتي. [تنبيه] قال في الخانية: وإن استأجر أو استعار أرضا تصلح للزراعة فغرس فيها كرما أو رطابا فالخراج على المستأجر والمستعير في قول أبي حنيفة ومحمد؛ لأنها صارت كرما فخراجها على من جعلها كرما ا هـ. قال الرملي: مفاده اشتراط كونه ملتف الأشجار بحيث لا يصلح ما بين الأشجار للزراعة فإن صلح فالخراج على المالك. ا هـ. والحاصل: أنه يجب الخراج على المؤجر والمعير إن بقيت الأرض صالحة للزراعة وإلا فعلى المستأجر والمستعير (قوله: كمستعير مسلم) وأوجبه زفر على المعير؛ لأنه لما أقام المستعير مقامه لزمه كالمؤجر. قلنا: حصل للمؤجر الأجر الذي هو كالخارج معنى بخلاف المعير وقيد بالمسلم؛ لأنه لو استعارها ذمي فالعشر على المعير اتفاقا لتفويته حق الفقراء بالإعارة من الكافر كذا في شرح درر البحار أي لكونه ليس أهلا للعشر لكن في البدائع لو استعارها كافر فعندهما العشر عليه وعن الإمام روايتان في رواية كذلك وفي رواية على المالك ا هـ. تأمل (قوله: وفي الحاوي) أي القدسي ح (قوله وبقولهما نأخذ) قلت: لكن أفتى بقول الإمام جماعة من المتأخرين كالخير الرملي في فتاواه وكذا تلميذ الشارح الشيخ إسماعيل الحائك مفتي دمشق وقال حتى تفسد الإجارة باشتراط خراجها أو عشرها على المستأجر كما في الأشباه، وكذا حامد أفندي العمادي وقال في فتاواه قلت: عبارة الحاوي القدسي لا تعارض عبارة غيره فإن قاضي خان من أهل الترجيح فإن من عادته تقديم الأظهر والأشهر وقد قدم قول الإمام فكان هو المعتمد وأفتى به غير واحد منهم زكريا أفندي شيخ الإسلام وعطاء الله أفندي شيخ الإسلام، وقد اقتصر عليه في الإسعاف والخصاف. ا هـ. قلت: لكن في زماننا عامة الأوقاف من القرى والمزارع لرضا المستأجر بتحمل غراماتها ومؤنها يستأجرها بدون أجر المثل بحيث لا تفي الأجرة، ولا أضعافها بالعشر أو خراج المقاسمة، فلا ينبغي العدول عن الإفتاء بقولهما في ذلك؛ لأنهم في زماننا يقدرون أجرة المثل بناء على أن الأجرة سالمة لجهة الوقف ولا شيء عليه من عشر وغيره أما لو اعتبر دفع العشر من جهة الوقف وأن المستأجر ليس عليه سوى الأجرة فإن أجرة المثل تزيد أضعافا كثيرة كما لا يخفى فإن أمكن أخذ الأجرة كاملة يفتى بقول الإمام وإلا فبقولهما لما يلزم عليه من الضرر الواضح الذي لا يقول به أحد والله تعالى أعلم. مطلب هل يجب العشر على المزارعين في الأراضي السلطانية [تتمة] في التتارخانية السلطان إذا دفع أراضي لا مالك لها وهي التي تسمى الأراضي المملكة إلى قوم ليعطوا الخراج جاز وطريق الجواز أحد شيئين إما إقامتهم مقام الملاك في الزراعة وإعطاء الخراج أو الإجارة بقدر الخراج ويكون المأخوذ منهم خراجا في حق الإمام أجرة في حقهم ا هـ. ومن هذا القبيل الأراضي المصرية والشامية كما قدمناه. ويؤخذ من هذا أنه لا عشر على المزارعين في بلادنا إذا كانت أراضيهم غير مملوكة لهم؛ لأن ما يأخذه منهم نائب السلطان، وهو المسمى بالزعيم أو التيماري إن كان عشرا فلا شيء عليهم غيره وإن كان خراجا فكذلك؛ لأنه لا يجتمع مع العشر وإن كان أجرة فكذلك على قول الإمام من أنه لا عشر على المستأجر، وأما على قولهما فالظاهر أنه كذلك لما علمت من أن المأخوذ ليس أجرة من كل وجه؛ لأنه خراج في حق الإمام تأمل (قوله: وفي المزارعة إلخ) قال في النهر ولو دفع الأرض العشرية مزارعة أن البذر من قبل العامل فعلى رب الأرض في قياس قوله لفسادها وقالا في الزرع لصحتها، وقد اشتهر أن الفتوى على الصحة وإن من قبل رب الأرض كان إجماعا. ا هـ. ومثله في الخانية والفتح. والحاصل أن العشر عند الإمام على رب الأرض مطلقا وعندهما كذلك لو البذر منه ولو من العامل فعليهما وبه ظهر أن ما ذكره الشارح هو قولهما اقتصر عليه لما علمت من أن الفتوى على قولهما بصحة المزارعة فافهم، لكن ما ذكر من التفصيل يخالفه ما في البحر والمجتبى والمعراج والسراج والحقائق الظهيرية وغيرها من أن العشر على رب الأرض عنده عليهما عندهما من غير ذكر التفصيل وهو الظاهر لما في البدائع من أن المزارعة جائزة عندهما والعشر يجب في الخارج والخارج بينهما فيجب العشر عليهما ا هـ. وفي شرح درر البحار عشر جميع الخارج على رب الأرض عنده؛ لأن المزارعة فاسدة عنده فالخارج له إما تحقيقا أو تقديرا؛ لأن البذر إن كان من قبله فجميع الخارج له وللمزارع أجر مثل عمله وإن كان من قبل المزارع فالخارج له ولرب الأرض أجر مثل أرضه الذي هو بمنزلة الخارج إلا أن عشر حصته في عين الخارج وعشر حصة المزارع في ذمة رب الأرض. وفائدة ذلك السقوط بالهلاك إذا نيط بالعين وعدمه إذا نيط بالذمة وأوجبا ومعهما أحمد العشر عليهما بالحصص لسلامة الخارج لهما حقيقة ا هـ. فكان ينبغي للشارح متابعة ما في أكثر الكتب. ثم اعلم أن هذا كله في العشر أما الخراج فعلى رب الأرض إجماعا كما في البدائع (قوله: ومن له الحظ) أي نصيب في بيت المال في أي بيت من البيوت الأربعة الآتية مع بيان مستحقيها في النظم ط. قلت: وهذه المسألة ذكرها المصنف متنا في مسائل شتى آخر الكتاب، ونظمها ابن وهبان في منظومته وقال ابن الشحنة في شرحها ومن له الحظ هم القضاة والعمال والعلماء والمقاتلة وذراريهم والقدر الذي يجوز لهم أخذه كفايتهم قال المصنف: وكذلك طالب العلم والواعظ الذي يعظ الناس بالحق والذي يعلمهم. ا هـ. قلت: لكن هؤلاء لهم الحظ في أحد بيوت المال وهو بيت الخراج والجزية كما يأتي قريبا وظاهر كلامه أن لأحدهم الأخذ من أي شيء وجده، وإن لم يكن من مال البيت المعد لهم وهو خلاف الظاهر من كلامهم وإلا لم تبق فائدة لجعل البيوت أربعة، نعم يأتي أنه للإمام أن يستقرض من أحد البيوت ليصرفه للآخر ثم يرد ما استقرض فإنه يقتضي جواز الدفع من بيت آخر للضرورة ففي مسألتنا إن كان يمكنه الوصول إلى حقه ليس له الأخذ من غير بيته الذي يستحق هو منه وإلا كما في زماننا يجوز للضرورة إذ لو لم يجز أخذه إلا من بيته لزم أن لا يبقى حق لأحد في زماننا لعدم إفراز كل بيت على حدة بل يخلطون المال كله ولو لم يأخذ ما ظفر به لا يمكنه الوصول إلى شيء فليتأمل (قوله بما هو موجه له) أي بشيء يتوجه لبيت المال أي يستحق له والذي في شرح الوهبانية عن القنية عن الإمام لو بري من له حظ في بيت المال ظفر بمال وجه لبيت المال فله أن يأخذه ديانة وللإمام الخيار في المنع والإعطاء في الحكم أي في القضاء. ا هـ. قلت: أي في الخيار في إعطاء ذلك للواجد إذا علم به ليعطيه حقه من غيره إذ ليس له الخيار في منع حقه من بيت المال مطلقا كما لا يخفى. (قوله: وللمودع إلخ) قال في شرح الوهبانية وفي البزازية قال الإمام الحلواني إذا كان عنده وديعة فمات المودع بلا وارث له أن يصرف الوديعة إلى نفسه في زماننا هذا؛ لأنه لو أعطاها لبيت المال لضاع؛ لأنهم لا يصرفون مصارفه فإذا كان من أهله صرفه إلى نفسه وإن لم يكن من المصارف صرفه إلى المصرف ا هـ. وقوله وإن لم يكن من المصارف يؤيد ما قلناه آنفا حيث أطلق المصارف ولم يقيدها بمصارف هذا المال فشمل مصارف البيوت الأربعة تأمل (قوله: دفع النائبة والظلم عن نفسه أولى إلخ) النائبة ما ينوبه من جهة السلطان من حق أو باطل أو غيره كما في القنية عن البزدوي والمراد دفع ما كانت بغير حق، ولذا عطف الظلم تفسيرا فيها عن شمس الأئمة السرخسي توجه على جماعة جباية بغير حق فلبعضهم دفعها عن نفسه إذا لم يحمل حصته على الباقين وإلا فالأولى أن لا يدافعها عن نفسه ثم نقل صاحب القنية عن شيخه بديع أن فيه إشكالا؛ لأن إعطاءه إعانة للظالم على ظلمه، فإن أكثر النوائب في زماننا بطريق الظلم فمن تمكن من دفع الظلم عن نفسه فذلك خير له ا هـ. ملخصا وعليه مشى ابن وهبان في منظومته، وأجاب ابن الشحنة بأن الإشكال مدفوع بما فيه من أنواع الظلم على الضعيف العاجز بواسطة دفعه عن نفسه. ا هـ. قلت: فيه نظر فإن ما حرم أخذه حرم إعطاؤه كما في الأشباه أي إلا لضرورة فإذا كان الظالم لا بد من أخذه المال على كل حال لا يكون العاجز عن الدفع عن نفسه آثما بالإعطاء بخلاف القادر فإنه بإعطائه ما يحرم أخذه يكون معينا على الظلم باختياره تأمل (قوله: حصته) مفعول تحمل وباقيهم فاعله أي باقي جماعته (قوله: وتصح الكفالة بها) أي بالنائبة سواء كانت بحق ككري النهر المشترك للعامة، وأجرة الحارس للمحلة المسمى بديار مصر الخفير، وما وظف للإمام ليجهز به الجيوش وفداء الأسارى بأن احتاج إلى ذلك ولم يكن في بيت المال شيء فوظف على الناس ذلك والكفالة به جائزة اتفاقا أو كانت بغير حق كجبايات زماننا فإنها في المطالبة كالديون بل فوقها، حتى لو أخذت من الأكار، فله الرجوع على مالك الأرض وعليه الفتوى وقيده شمس الأئمة بما إذا أمره به طائعا فلو مكرها في الأمر لم يعتبر أمره بالرجوع ذكره الشارح وصاحب النهر في الكفالة ط. قلت: ومعنى صحة الكفالة بالنائبة التي بغير حق أن الكفيل إذا كفل غيره بها بأمره كان له الرجوع عليه بما أخذه الظالم منه لا بمعنى أنه يثبت للظالم حق المطالبة على الكفيل، فلا يرد ما قيل إن الظلم يجب إعدامه فكيف تصح الكفالة به كما سنحققه في محله إن شاء الله تعالى (قوله: ويؤجر من قام بتوزيعها بالعدل) أي بالمعادلة كما عبر في القنية أي بأن يحمل كل واحد بقدر طاقته؛ لأن لو ترك توزيعها إلى الظالم ربما يحمل بعضهم ما لا يطيق فيصير ظلما على ظلم ففي قيام العارف بتوزيعها بالعدل تقليل للظلم فلذا يؤجر وهذا اليوم كالكبريت الأحمر بل هو أندر (قوله: وهذا يعرف إلخ) المشار إليه غير مذكور في كلامه وأصله في القنية حيث قال وقال أبو جعفر البلخي ما يضر به السلطان على الرعية مصلحة لهم يصير دينا واجبا وحقا مستحقا كالخراج، وقال مشايخنا وكل ما يضربه الإمام. عليهم لمصلحة لهم فالجواب هكذا حتى أجرة الحراسين لحفظ الطريق واللصوص ونصب الدروب وأبواب السكك وهذا يعرف ولا يعرف خوف الفتنة ثم قال: فعلى هذا ما يؤخذ في خوارزم من العامة لإصلاح مسناة الجيحون أو الربض ونحوه من مصالح العامة دين واجب لا يجوز الامتناع عنه، وليس بظلم ولكن يعلم هذا الجواب للعمل به وكف اللسان عن السلطان وسعاته فيه لا للتشهير حتى لا يتجاسروا في الزيادة على القدر المستحق ا هـ. قلت: وينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يوجد في بيت المال ما يكفي لذلك لما سيأتي في الجهاد من أنه يكره الجعل إن وجد فيء (قوله: يجوز ترك الخراج للمالك إلخ) سيأتي الجهاد متنا وشرحا ما نصه ترك السلطان أو نائبه الخراج لرب الأرض أو وهبه ولو بشفاعة جاز عند الثاني وحل له لو مصرفا وإلا تصدق به به يفتى وما في الحاوي من ترجيح حله لغير المصرف خلاف المشهور ولو ترك العشر لا يجوز إجماعا ويخرجه بنفسه للفقراء سراج خلافا لما في قاعدة: تصرف الإمام منوط بالمصلحة من الأشباه معزيا للبزازية فتنبه. ا هـ. قلت: والذي في الأشباه عن البزازية إذا ترك العشر لمن عليه جاز غنيا كان أو فقيرا لكن إن كان المتروك له فقيرا فلا ضمان على السلطان وإن كان غنيا ضمن السلطان العشر للفقراء من بيت مال الخراج لبيت مال الصدقة ا هـ. قلت: وما في الأشباه ذكر مثله في الذخيرة عن شيخ الإسلام بقوله: لو غنيا كان له جائزة من السلطان، ويضمن مثله من بيت الخراج لبيت الصدقة ولو فقيرا كان صدقة عليه فيجوز كما لو أخذه منه ثم صرفه إليه ولذا قالوا بأن السلطان إذا أخذ الزكاة من صاحب المال فافتقر قبل صرفها للفقراء كان له أن يصرفها إليه كما يصرفها إلى غيره (قوله: ونظمها ابن الشحنة) هو محمد والد شارح المنظومة عبد البر والنظم من بحر الوافر.مطلب في بيان بيوت المال ومصارفها (قوله: بيوت المال أربعة) سيأتي في آخر فصل الجزية عن الزيلعي أن على الإمام أن يجعل لكل نوع بيتا يخصه وله أن يستقرض من أحدها ليصرفه للآخر ويعطي بقدر الحاجة والفقه والفضل فإن قصر كان الله تعالى عليه حسيبا. ا هـ. وقال الشرنبلالي في رسالته: ذكروا أنه يجب عليه أن يجعل لكل نوع منها بيتا يخصه، ولا يختلط بعضه ببعض، وأنه إذا احتاج إلى مصرف خزانة وليس فيها ما يفي به يستقرض من خزانة غيرها، ثم إذا حصل للتي استقرض لها مال يرد إلى المستقرض منها إلا أن يكون المصروف من الصدقات أو خمس الغنائم على أهل الخراج وهم فقراء فإنه لا يرد شيئا لاستحقاقهم للصدقات بالفقر وكذا في غيره إذا صرفه إلى المستحق. ا هـ. (قوله: لكل مصارف) أي لكل بيت محلات يصرف إليها (قوله: فأولها الغنائم إلخ) أي أول الأربعة بيت أموال الغنائم فهو على حذف مضافين وكذا يقال فيما بعده ط ويسمى هذا بيت مال الخمس أي خمس الغنائم والمعادن والركاز كما في التتارخانية فقوله الركاز وفي نسخة " ركاز " منونا من عطف العام بحذف حرف العطف (قوله: وبعدها المتصدقونا) مبتدأ وخبر والأولى وبعده بالتذكير أي بعد الأول إلا أن يقال: إن أولها اكتسب التأنيث من المضاف إليه أو أعاد الضمير على الغنائم وما عطف عليها؛ لأنها نفس الأول أي وثانيها بيت أموال المتصدقين أي زكاة السوائم وعشور الأراضي وما أخذه العاشر من تجار المسلمين المارين عليه كما في البدائع (قوله: وثالثها إلخ) قال في البدائع: الثالث: خراج الأراضي وجزية الرءوس وما صولح عليه بنو نجران من الحلل وبنو تغلب من الصدقة المضاعفة، وما أخذ العشار من تجار أهل الذمة والمستأمنين من أهل الحرب ا هـ. زاد الشرنبلالي في رسالته عن الزيلعي وهدية أهل الحرب، وما أخذ منهم بغير قتال وما صولحوا عليه لترك القتال قبل نزول العسكر بساحتهم، فقوله مع عشور المراد به ما يأخذه العاشر من أهل الذمة والمستأمنين فقط بقرينة ذكره مع الخراج؛ لأنه في حكمه أو هو خراج حقيقة كما قدمناه في بابه بخلاف ما يأخذه منا فإنه زكاة حقيقة أدخله في قوله المتصدقون كما مر فافهم، وقوله وجالية هم أهل الذمة؛ لأن عمر رضي الله تعالى عنه أجلاهم من أرض العرب كما في القاموس: أي أخرجهم منها ثم صار يستعمل حقيقة عرفية في الجزية التي يليها العاملون أي يلي أمرها عمال الإمام، وكأن الناظم أدخل فيها ما يؤخذ من بني نجران وبني تغلب وما أخذ من أهل الحرب من هدية أو صلح؛ لأنها في معنى جزية رءوسهم. (قوله: الضوائع) جمع ضائعة أي اللقطات، وقوله: مثل ما لا إلخ مثل تركة لا وارث لها أصلا أو لها وارث لا يرد عليه كأحد الزوجين والأظهر جعله معطوفا على الضوائع بإسقاط العطف؛ لأن من هذا النوع ما نقله الشرنبلالي دية مقتول لا ولي له لكن الدية من جملة تركة المقتول ولذا تقضى منها ديونه كما صرحوا به تأمل (قوله: فمصروف الأولين إلخ) بنقل حركة الهمزة إلى اللام لضرورة الوزن أي بيت الخمس وبيت الصدقات، والنص في الأول قوله تعالى: {واعلموا أنما غنمتم} الآية وسيأتي بيانه في الجهاد إن شاء الله تعالى وفي الثاني قوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء} الآية ويأتي بيانه قريبا. (قوله: وثالثها حواه مقاتلونا) الذي في الهداية وعامة الكتب المعتبرة أنه يصرف في مصالحنا كسد الثغور وبناء القناطر والجسور وكفاية العلماء والقضاة والعمال ورزق المقاتلة وذراريهم. ا هـ. أي ذراري الجميع كما سيأتي في الجهاد إن شاء الله تعالى (قوله: ورابعها فمصرفه جهات إلخ) موافق لما نقله ابن الضياء في شرح الغزنوية عن البزدوي من أنه يصرف إلى المرضى والزمنى واللقيط وعمارة القناطر والرباطات والثغور والمساجد وما أشبه ذلك. ا هـ. ولكنه مخالف لما في الهداية والزيلعي أفاده الشرنبلالي أي فإن الذي في الهداية وعامة الكتب أن الذي يصرف في مصالح المسلمين هو الثالث كما مر. وأما الرابع فمصرفه المشهور هو اللقيط الفقير والفقراء الذين لا أولياء لهم فيعطى منه نفقتهم وأدويتهم وكفنهم وعقل جنايتهم كما في الزيلعي وغيره. وحاصله أن مصرفه العاجزون الفقراء فلو ذكر الناظم الرابع مكان الثالث ثم قال وثالثها حواه عاجزونا ورابعها فمصرفه إلخ لوافق ما في عامة الكتب (قوله: تساوى) فعل ماض والنفع منصوب على التمييز كطبت النفس أي تساوى المسلمون فيها من جهة النفع. ا هـ. ح والله تعالى أعلم.
|